Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
ma45
4 janvier 2008

التاريخ داكرة الامم

إن التاريخ هو ذاكرة الأمم، لا تستطيع أمة أن تعيش بلا ذاكرة، ودراسة التاريخ واستخراج الدروس والعبر منه هو دأب الأمم القوية .

فالتاريخ مرآة الشعوب وحقل تجارب الأمم، في صفحاته دروس وعبر للمتأملين، لأنه نتاج عقول أجيال كاملة، والأمة التي تهمل قراءة تاريخها لن تحسن قيادة حاضرها ولا صياغة مستقبلها.

وخير شاهد على ذلك أن الأمم التي ليس لها تاريخ تحاول أن تؤلف لنفسها تاريخًا، ولو مختلقًا، حتى يكون لها ذكر بين الأمم ـ كما هو حال الدولتين اللقيطتين أمريكا وإسرائيل .

فواعجبًا لأمة لها تاريخ عريق مشرف تخاصمه ولا تستفيد منه، وتعتبره ماضيًا زال وتراثًا باليًا.

يقول أرنولد توينبي في محاضرة ألقاها في القاهرة في الستينيات من القرن الميلادي المنصرم :

إن الذين يقرءون التاريخ ولا يتعلمون منه أناس فقدوا الإحساس بالحياة، وإنهم اختاروا الموت هربًا من محاسبة النفس أو صحوة الضمير والحس' ...!!

يقول شوقي:

اقرءوا التاريخ إذ فيه العبر   ***  ضل قومٌ ليس يدرون الخبر

فهذه دعوة للأمة المسلمة ذات التاريخ العريق ـ أفرادًا وجماعات ـ لقراءة تاريخها قراءة واعية تستخرج منه الدروس والعبر، وتستخرج منه منهاجًا للحركة والفهم، يفيدها في مسيرة نهضتها واستشراف مستقبلها، حتى يعود للأمة مجدها وتستعيد مكانتها وعزتها أمام الأمم .

أي أن القراءة المطلوبة هي قراءة متدبرة، تقف أمام أحداث التاريخ الإسلامي متفحصة مدققة، ليست سردًا تاريخيًا للأحداث بقدر ما هي تنقيب بين أسطره على مدلولات هذه الأحداث والوقائع، وعلاقتها بواقعنا المعاصر .

لذا نستطيع في هذه العجالة أن نقف أمام بعض الدروس لعلها تكون دافعًا للأمة لكي تسعى لضبط مسيرتها بالسنن الربانية التي وعاها أسلافنا فضبطت مسيرتهم وحفظت جهادهم .

لكن قبل ذلك نوضح أمرين :

أولهما: التاريخ ليس سردًا للأحداث ولا تسجيلاً للوقائع والأقاصيص، ولكنه تفسير لكل هذه الأحداث والوقائع، واهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع بين شتاتها، وتجعل منهم وحدة متماسكة الحلقات، متفاعلة الجزئيات، ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان'.

ويعرفه ابن خلدون التاريخ فيقول :

' ...فإن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم والأجيال وتشد إليها الركائب والرحال، وهو في ظاهره لا يزيد عن أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول، وفى باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق'.

فالتاريخ ليس سردًا مجردًا للأحداث، لكنه في حقيقته وقوف أمام تلك الأحداث لتحليلها وتفسيرها والربط بينها واستخراج الدروس التى يمكن الاستفادة منها في حاضرنا ومستقبلنا .

ثانيهما: أن الإسلام اهتم بدراسة التاريخ عن طريق :

1- وردت في القرآن إشارات كثيرة إلى أهميه دراسة سير الأولين والتأمل فيها وأخذ العبر منها: قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَن فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ} آل عمران/133

وقوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} يوسف/111 . وقوله تعالى: {...فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ..} الأعراف /176

2- وفى السُنة :حيث ' أعلم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلمين بحوادث ستقع في المستقبل حتى يكونوا على وعي بالحاضر والمستقبل' مثل فتح القسطنطينية ورومية ومثل المعارك التي ستقع مع اليهود والنصارى وأحداث الساعة ... وغيرها .

3- كذلك اهتم القرآن بقصص الأنبياء للتسلية والتسرية عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته، وكذلك لاستلهام الخط الواصل فى الصراع بين الحق والباطل، كما ظهر ذلك من سرد قصص نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ... وغيرهم من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم

Publicité
Publicité
Commentaires
ma45
Publicité
Publicité